هل يستطيع أحد أن ينكر الماضي، أو أن يتجاهل الحاضر، أو حتى يرفض المستقبل؟
ينكر الماضي بما فيه من انتصارات و بطولات وحضارة و كذلك إخفاقات و فشل و صراعات. فالماضي محفور في وجداننا لا نستطيع إنكاره أو حتى نسيانه.
كذلك الحاضر بما فيه من حماس و طموح و تحدي و أيضا خوف و عدم ثقة، كل هذا لا نستطيع أن نتجاهله.
أما المستقبل بما فيه من إشراق و أمل و غموض يصعب رفضه.
فكل هذه حقائق يصعب أن نتخطاها، و من يفعل فمن المؤكد أنه شخص أخرق يسعى إلى تحدي الطوفان بلا مبرر سوى الرغبة السخيفة في البقاء.
الآن دعونا نتخيل أن الماضي و نصف الحاضر ممثل في أجدادنا و آبائنا أي الكبار، و النصف الأخر من الحاضر و المستقبل هو الشباب.
لنبدأ أول الصراع:
و هو إصرار الكبار على امتلاك الماضي و كل الحاضر و كذلك المستقبل، دون أن يعطوا لحظة للشباب ليأخذوا فرصتهم في الحياة متعللين برعونة الشباب، و ميوعته وأنه دائم الفشل،
لا يقدر على مواجهة المستقبل بمفرده، خائف، عديم الثقة بنفسه، متعجرف!! يا له من ظلم شديد...
هل منحتمونا الفرصة قبل الحكم علينا أم وأدتمونا قبل أن نرى النور بأعيننا.
لا أختلف معكم في بعض صفات الخوف و عدم الثقة ولكن يأتي السؤال من أين لنا بهذه الصفات؟
سأترك لحضاراتكم الإجابة!! لكي أنتقل بحديثي إلى نقطة أخرى.
هل كانت حياتكم كلها انتصارات؟ هل كانت خالية من الفشل و الخوف؟
إذا لماذا تحاسبوننا على أي خطأ و لو صغير؟ لماذا توبخوننا على إخفاقاتنا؟
ألم تكونوا سببا في نكسة 67 و أنتم نفس الجيل الذي حقق نصر 73، أي أنه لا يوجد جيل الإخفاقات و جيل الانتصارات.
كل جيل لديه إخفاقاته وانتصاراته ولكن أعطونا الفرصة.
ألم تكونوا شبابا في يوم من الأيام، ألم تكن لكم أحلامكم و طموحاتكم الخاصة.
ألم تشعروا بالقهر و الإحباط عندما تدخل ماضيكم -عفوا أقصد الكبار- في تحطيم هذه الأحلام أو حتى التحكم فيها بدون سبب مقنع غير أنهم كبار، ألم يؤلمكم هذا الشعور؟!
فلماذا إذا تسعوا في تكراره معنا لماذا تتجاهلون مشاعرنا، لماذا تستهزؤن بأحلامنا؟
قد تكون أحلام عظيمة أو بسيطة أو حتى ساذجة، و لكنها ملكنا تنبض فينا و نحيا بها.
لكم أن تتخيلوا ماذا يحدث عندما تعبثوا بها؟ ماذا يحدث عندما تتحكموا في نبضنا!!
لا أطلب سوى أن تفتحوا لنا الأبواب بدون أن تمنوا علينا، شدوا على أيدينا بدلا من أن تكسروها.
وجهونا ولا تتحكموا فينا، علمونا ولا تبخلوا علينا، أرشدونا ولا تأمرونا.
أشيروا لنا إلى الطريق الصحيح بدون أن تقيدونا.
و حتما لن ننسى مجهودكم و لن ننسى أن نرجع الفضل إليكم فكما ذكرت سابقا ليس لنا خيار إنكار الماضي..
كتبت هذا الموضوع بناء على تجربة شخصية قد تكون قاسية باعتبار أنني مازلت في أول الطريق، و لكنها حتما أضافت لي الكثير و هذا الكلام موجه لأشخاص معينة اجتمعت فيهم صفات الأنانية كما أريد أن أشكر كل الكبار المؤمنين بروح الشباب فمؤكد أنهم موجودين و لكن لم أعثر على الكثير منهم بعد...
سلمى ساجدة للرحمان