ما الحياة إلا مجموعة من المشاهد و الفصول في مسرحية كبيرة تسمى مسرحية الحياة، ولكن هذه المسرحية تختلف عن غيرها من المسرحيات التي نشاهدها على قنوات التلفاز بأن نهايتها غير معلومة و الأكثر من هذا أن أحداثها هي الأخرى غير معلومة و لكن أبطالها معلومين فأنت بطل في مسرحية حياتك و أنا بطلة مسرحية حياتي و هو بطل مسرحية حياته، فكل واحد منا بطل في مسرحية الحياة و لا تنسى باقي الأبطال فكل واحد منا يشاركه البطولة مجموعة من الناس قد تكون أنت من اخترتهم و قد لا تكون، ولكن يا بطل ليس لك حق التغيير -وهذا أيضا فرق آخر- وقد يكون من بين هؤلاء الأبطال من لا يجيد التمثيل و مع ذلك فهو يشاطرك البطولة.
دعنا من هذا كله و لنستسلم للواقع ونبدأ في الحديث عن سر تلك المسرحية، فكلنا متفق أنها عبارة عن لحظات تكون مشاهد و التي تكون فصول حيث تنتهي بتكوين المسرحية، فهذا هو الهيكل العام لمسرحيات كل البشر و لكن ماذا سنشاهد إذا توغلنا قليلا داخل هذا الهيكل!!
من المحتمل أن نجد فيها لحظات أو لويحظات من السعادة، وقد يوجد فيها فصول بأكملها روتينية لا جديد فيها تصيب بالملل،و البعض الآخر مليء بالتشويق و الإثارة و التي قد تزيد لحد الكارثة و الفجيعة و عندها فقط يصرخ البطل و يعلن عن اكتئابه و حزنه الشديد لما أصابه وخاصة إذا كانت هذه الكارثة ناتجة من أحد الأبطال المشاركين في المسرحية و المثير أكثر للحزن أنهم لم يسمعوا صوت صراخه لأن كل واحد منهم مشغول في دور البطولة الذي يلعبه في مسرحيته الخاصة،
تمر الأيام و يستطيع البطل أن يتغلب على ما أصابه متذكر رحمة الخالق و لا يلبث طويلا حتى تدق على أستار حياته كارثة أخرى يزداد ضعفه وحزنه ويعتبرها أكبر مشكلة في حياته و يحولها إلى لغز من ألغاز الحياة ثم تنجلي بفضل الله و يأتي له خبر نجاح مثلا فيفرح فرح لا حدود له و يعتقد أن الحياة كلها سعادة و أن المسرحية كلها ضحك و يضحك على المشكلة الضخمة التي اعتبرها لا تحل و يقول ما أتفهك و لكن سرعان ما ينتهي هذا المشهد بدراما جديدة و لكن البطل لم يتعلم من الدروس السابقة وعاد ليمثل نفس الدور ببراعة بأنه مظلوم وأنه معذب وأن هذه المشكلة بالتحديد لا يوجد أكبر منها....
وهكذا تستمر الحياة يوم نبكي فيه على الحاضر و يوم نضحك فيه على الماضي لأن المستقبل أصعب بكثير فيكفى أنه مجهول، ورغم هذا المجهول إذا شاهد كل واحد منا مسرحية الآخر و اعتبر منها سيجد أنه لا داعي للبكاء فالحاضر و المستقبل سيأتي عليهم يوم و يتحولا إلى ماضي مضحك، إذا فالنهاية هي الضحك فلما البكاء،
فكل شيء سيتحول إلى ماضي تنسدل عليه أستار مسرح الحياة ليأتي الفرق الأخير بين مسرحية الحياة و مسرحيات التلفاز و التي تنتهي بالضحك و التصفيق بينما تنتهي مسرحية الحياة بالبكاء و النويح ويستعد أبطالها ليبدءوا مسرحية جديدة يتوقف دور كل واحد فيها على مدى أداءه وجودة تمثيله في مسرحية الحياة فهل أتقنت دورك و فهمت لغز الحياة، هل أضفت جديد لها، هل تركت بصمتك في الحياة لتستحق أن تأخذ دور البطولة في مسرحية ستكون لك وحدك لا تخشى المنافسين، مسرحية لانهاية لها و كلما أتقنت دورك كلما زادت العروض...
لهذا ادعوكم جميعا لتحجزوا أدواركم من الآن في مسرحية الحياة و لنضحك جميعا عند انسدال الستار.!
سلمى ساجدة للرحمان
18-12-2006