السبت، ١٦ يناير ٢٠١٠

لم أجد لها عنوان




يختلجني في هذه اللحظة شعوريين متضادين تماما،
 أما الأول فهو شعور بالظلم و الحزن، بالحقد و الغضب، والثاني شعور بالامتنان و السعادة و التأمل. ربما لذلك لم أجد عنوان مناسب لأكتبه، فهل أكتب ما يعبر عن غضبي؟ أم ما يعبر عن امتناني، أكتب عنوان يصف هذا الظلم الذي تعرضت له؟ أم عنوان يصف هذا الدرس الذي ربما لم أكن سأتعلمه إلا بهذه الطريقة. أدعو الله أن يرفع عني الظلم؟ أم أحمده على هذه الهدية التي بعثها لي عن طريق تلك الشخص الذي دق بكلماته اللاذعة على طبلت أذني، مما أصابني بالدهشة و الصمم المؤقت و الذي دفعني للغضب من شدة الصوت، فلم أتذكر من كلماته غير الإهانة و الظلم،
 خرجت من مكتبه و أنا أفكر في شيء واحد فقط، كيف سمحت له أن يتحدث معي بهذا الأسلوب؟ كيف سمحت له أن يعاتبني و هو المخطأ؟ إنه لم يسمح لي حتى بإيضاح وجهة نظري، حقا أنه لرجل متغطرس يريد أن يثأر لذاته.
 استمر هذا الشعور يعبث بمشاعري لفترة ليست بقصيرة، كاد أن يجن جنوني، كدت أن أفقد اتزاني من شدة اصطدام أحرف كلماته بأذني.
 مرت الساعات بدأت أفيق من وقع الاصطدام و لكن الغضب و الثورة لم يهدءا بعد، فمازالت كلماته تتجول داخل أذني، كلما حاولت إخراجها كلما تمسكت هي أكثر بالبقاء، جاهدتها كثيرا لكي تخرج و لكنها كانت أعند و أقوى مني، فاستسلمت لها و تركتها عساها تنهك و تنام وقتها سأستريح. و لكن القدر أبى إلا أن تحاورني ففرحت فأنا أجيد الحوار و مهارة الإقناع إذا سأنتصر عليها و عندها سأطردها شر طرده من تجويف أذني، بدأت الحوار
 قائلة: اهدئي،
 قلت: لقد ظلمني،
 قالت: تريثي،
 قلت: كيف و هو لم يعطني فرصة لكي أدافع عن نفسي
قالت: اسمعي ما وراء الكلام،
 قلت: لقد جرحني،
 عندها قالت: ما بالك بهذا الطبيب الذي شق بطن مريضة ليستأصل تلك المرض الخبيث ليحافظ على باقي جسده سليم، نعم لقد جرح الطبيب مريضه و لكن ليداويه، ليمنحه حياة سليمة صحية خالية من الآلام المستعصية.
   هنا عجزت عن الكلام، لقد هربت الحروف عن لساني بعيدا فلم أجد ما أقوله، لقد رنت هذه الكلمات في أذني رنينا هادئا مما أتاح لي الفرصة لكي أسترخي و أفكر لأول مرة في حديث هذا الرجل.
 فإذا بي أعثر على كلمات هزت كياني دفعتني للتأمل في دفتر حياتي. لأول مره في عمري أرى دفتري بهذه النظرة، نظرة لم أعدها من قبل، نظرة جعلتني أرى ما لم أكن أراه من قبل، نظرة دفعتني لإعادة ترتيب صفحات هذا الدفتر و تمزيق الآخر و إلقائه تحت قدمي، كما دفعتني لإعادة كتابة صفحات بأكملها و لفتت نظري لبعض الأخطاء الإملائية في الصفحات الأخرى و إكمال السطور الناقصة في باقي الصفحات.
 و من بين الكلمات الأخرى التي عثرت عليها في حديثه، كلمات هذا السؤال الذي مازال صداه في أذني إلى هذه اللحظة و أعتقد أنه لن يزول أبدأ –أسأل الله هذا- كلماته مكرره لكن وقعه كان مختلف، كلماته عادية لكن مغزاه ليس عاديا، كلماته بسيطة لكن معناه ألفت من أجله الكتب و المجلدات لكي تشرحه، كلماته قليلة لكنه يعد درس من دروس الحياة.
و كان السؤال هو (كيف شكرتِ الله عندما استلمتِ العمل كمعيدة بالكلية؟)
 صليتِ كثيرا! صمتِ كثيراّ تصدقتِ! عملتِ خيرا كثيرا!....
لا ليس هذا هو الشكر المطلوب، إنما شكر الله على نعمه يجب أن يكون من نفس النوع، و أن يكون هذا الشكر بالعمل لا بالكلام. لقد أنعم الله عليكِ بوظيفة مرموقة و غيركِ في الشوارع يتسكع لا يجد عمل يتمنى ربع ما عندكِ. و لكي تؤدى شكر الله على نعمته يجب أن تؤدي أمانة هذا العمل أن تعطيه حقه.
 هذا العمل أمانة في عنقك، مسؤولية على ظهرك، عهد آخذتيه على نفسك بمجرد توقيعك باستلام العمل، و لقد وقعتي فالزمي، أدي الأمانة، تحملي المسؤولية، أوفي بالعهد، فهذا ما ستسألين عنه يوم القيامة،
 ستسألين عن كل دقيقة من دقائق العمل هل استثمرتها أم ضيعتيها فيما لا يخص العمل،
 هل زودتِ نفسك بالعلم و الثقافة النافعة لكي تفيدي الأجيال من بعدك،
 هل حافظتي على ممتلكات الجامعة أم أسأتِ استخدامها.
هل تستحقين راتبكِ آخر الشهر؟!
واستمر بنفس اللهجة الشديدة، قائلا: لا يمكن النجاح إلا بتكبد المشاق و السير على الأشواك، و تذكري أنه لا يوجد دين بدون أخلاق حميدة لأن الأخلاق هي تطبيق الدين، هذه كلماتي لكِ لكي تكون درسا لكِ في المستقبل.
حفظت الدرس أستاذي و لكم أقول خلاصة الدرس:-
 قف و تأمل كل ما يحدث في يومك، لا تجعل المواقف تمر في حياتك كأنها لم تكن،
 أزل الشمع من أذنك، و اسمع همسات الحكمة من بين ثنايا الكلام حتى و لو كان قاسيا،
 لا تنتظر أن يجري الله هذا الكلام على لسان شخص معين، فلطالما أجراه الله على لسان آخر شخص كنت تتخيله، فكلما كان الشخص غير متوقع كلما كان أثره أبقى و أقوى فالله يعلم كيف يكون تأديبك،
 استلم رسائل الله لك في كل مكان و في أي زمان واحمد الله أنه هداك لقراءة هذه الرسائل، الحمد لله رب العالمين.
وفي الختام أقول (اللهم قوى  ظهري ولا تخفف حملي)

سلمى ساجدة للرحمان

هناك ١٤ تعليقًا:

  1. مدونتك جميلة والاجمل تدوينك
    جزاك الله خيرا
    اتمنى الزيارةhttp://hendfreedom.blogspot.com/

    ردحذف
  2. جزانا واياكِ يا سن، اسعدنى مرورك وبجد مدونتك حلوه قوى ومعانيها قوية وجميلة ربنا يوفقك لما يحب ويرضى

    ردحذف
  3. تدوينة رائعة بارك الله فيكي
    شعرت بالأمس بنفس الشعور ... بعد اول انترفيو لي ... حسيت أن مقصر أوي في حاجات كتير منها.. مقصر في نعمة العلم.. قصرت في نعمة الوقت الذي أضعت منه الكثير ... قصرت في نعم كثيرة ..
    تذكرت قول معاذ ابن جبل( رضي الله عنه):-( أقبلوا الحق من كل من جاء به حتي و إن كان فاسقاً... )

    ردحذف
  4. سكندري: الله يعزك نورت مدونتى المتواضعة أهلا بيك وبكل أهل اسكندرية.
    أقبلوا الحق من كل من جاء به حتي و إن كان فاسقاً... )
    فعلا الحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها فهو أحق بها، ربنا يوفقك ويكرمك جزاك الله خيرااا اتمنى دوام المتابعة

    ردحذف
  5. جزاكى الله عنا كل خير مدونه رائعه جداا و جديره ان يكون ليها اسم و عنوان انا عن نفسى لقبتها بـ (الصحوة)الصحوه من حاجات كتير كنا غلط فيها فى سابق ايامنا..الصحوه لحاجات كتير جايه فى ايامانا


    (السعاده هى الشئ الوحيد الذى يزيد عندما يقتسم مع الأخرين)

    ردحذف
  6. غير معروف: جزانا واياك، ربنا يكرمك ويسعدك دا شرف ليّا بجد بس أعتقد المدونة دى أصغر من أنها تلقب بالصحوة جزاك الله خيرااا اسعدنى مرورك وشرفنى تعليقك...(السعاده هى الشئ الوحيد الذى يزيد عندما يقتسم مع الأخرين)
    فعلا...

    ردحذف
  7. بدايه احييكي علي الكلام الجميل عن نفسك يادكتوره
    ثانيا
    ارجوا من الله ان يوفقك
    اخيرا هذا الاحساس اتي الي وكلامك ريحني .....

    ردحذف
  8. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    المحترمة الاميرة ..اميرة
    بعد التحية
    بداية نورت مدونتى الوليدة لا تذهب بعيدا ...قصصرمزية تساعدك فى تغيير الكون
    ثانياً كلماتك تشعرنا جميعاً باننا نملك ما يملكه كل البشر وإن كانوا ملوكا وأمراء
    ثالثاً وأخيراص وليس آخراً هذه هى القصة التى طلبتيها تحت عنوان اختبار السمع

    شعر الزوج بان زوجته اصبحت ضعيفة السمع وخوفا عليها ذهب للطبيب لاستشارته فاجابه الطبيب كل مشكلة و ليها حل
    بس علشان نفهم الوضع اكتر ممكن تعمل تجربة ابعد عن مراتك 40 متر و كلمها بنبرة صوت عادية جدا لو مردتش قرب 30 متر و كلمها لو مردتش قرب 20 متر و كلمها لو مردتش قرب 10 متر وكلمها وبالفعل عاد الزوج للمنزل ووجد زوجته بالمطبخ : فابتعدعنها بمسافة 40 متر و قال ب نبرة صوت عادية حبيبتي عاملة لنا ايه على العشا ولم ترد : فتقدم الزوج 30 متر و قال للمرة الثانية حبيبتي عاملة لنا ايه على العشا ولم ترد : فتقدم الزوج 20 متر و قال للمرة الثالثة حبيبتي عاملة لنا ايه على العشا ولم ترد : فتقدم الزوج 10 متر و قال للمرة الرابعة حبيبتي عاملة لنا ايه على العشا ولم ترد فتقدم الزوج بالقرب من زوجته تماما : و قال للمرة الخامسة حبيبتي عاملة لنا ايه على العشا : هنا قالت الزوجة للمرة الخامسة باقولك عاملة فراخ !!!
    *****المراد من القصة لماذا نفترض دوما وجود المشكلة فى الغير و لا نراها فينا

    ردحذف
  9. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    جزاكم الله خيرا دكتوره سلمى

    تأثرت بها كثيرا وكأن الكلمات خاطبت حالى ... أسلوب أكثر من رائع

    مع خالص تحياتى

    أبومهره

    ردحذف
  10. "عندها قالت: ما بالك بهذا الطبيب الذي شق بطن مريضة ليستأصل تلك المرض الخبيث ليحافظ على باقي جسده سليم، نعم لقد جرح الطبيب مريضه و لكن ليداويه، ليمنحه حياة سليمة صحية خالية من الآلام المستعصية."

    قمة الإقناع والله

    أحييكي بشدة على هذه التدوينه الرائعه جدا
    كما أحييكي على مدونتك المتميزة

    أراكِ مشروع كاتبه كبيره ومرموقه

    دمتي متميزه

    في حفظ الله

    ردحذف
  11. أنا مش معاهم:أخي الكريم سيف الاسلام أنا سعيده جدااا بمرورك وتعليقك جزاك الله خيرااا واتمنى دوام المتابعة.
    ربنا يوفقنا جميعا لما يحب ويرضاه..الحمد لله أنك ارتحت واستطعت تقرأ الرسالة. 

    ردحذف
  12. career consoltuant : سيدى الفاضل م:محمود الشيخ وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، بنور حضرتك أضافت ليا كتير مدونتكم ربنا يجعلها في ميزان حسناتكم..أسعدنى جدااا تشريف حضرتك ليا فى مدونتى المتواضعة وأتمنى دوام المتابعة..أما بالنسبة للقصة فواضح أنى شوهتها جدااا كلها غلط بس عموما المغزى كان موجود:)أشكرك جدااا

    ردحذف
  13. وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
    يامرحباااااااااا بسيدى وأستاذى الفاضل دكتور أبومهرة، جزانا الله واياك، جزاك الله خيرااا على مرورك واهتمامك واتمنى دوام المتابعة، والحمد لله محنة وعدت

    ردحذف
  14. قلم رصاص: مرحبا بك في هذه المدونة المتواضعة أخجلتم تواضعنا جزاك الله خيرااا كثيرااا واتمنى دوام المتابعة.

    ردحذف

شاركني خاطرتك...